تُعد حملة للعلم من الحملات التوعوية التي تتبناها المتحدة للخدمات الإعلامية، والتي تستهدف موثوقية الخبر والتدقيق في المعلومة والتأكد من المصدر كي نتجنب أخطر ما يؤثر على النفس ويهدر الطاقات ويعطلها؛ ألا وهي الشائعات المغرضة، وهنا ينبغي أن نمتلك الوعي الرشيد حيال ما نقوم بنشره أو تبادله عبر الفضاء المنفتح ومواقع التواصل سريعة الانتشار؛ كي لا نصبح أداة هدم وشركاء في تعضيد السلبية بكل صورها.
وبالطبع نثمن ما تقوم به المتحدة من جهود توعوية ونقدر جهود الأستاذ عمرو الفقي تجاه إطلاقه حملة "للعلم"، والتي أرى أنها من الحملات التي تسهم بقوة في تعزيز الإيجابية ودحر الشائعات بكل صورها؛ حيث إن فلسفة الفكرة تقوم على البساطة وسهولة التقبل وسرعة الانتشار وفهم المغزى والمعنى منها، ومن ثم تشمل كل طبقات وطوائف مجتمعنا العظيم.
وندرك أن الحياة مليئة بمجريات الأحداث المتوالية والتي تحوي في طياتها ضغوطًا وتحدياتٍ ومشكلاتٍ وتوتراتٍ وأزماتٍ تنهمر من كل صوبٍ وحدبٍ، وهذا من شأنه يؤثر على جهازنا العصبي إذا ما قابلنا كل ذلك بمزيدٍ من الانفعال والإحباط والشعور بخيبة الأمل وفقدان الرجاء أو السلبية في بعض الأحيان، وهنا يجب أن نفكر مليًا ما الذي يجب أن نفعله أو ما هي ردة الفعل المناسبة تجاه هذا المنهَمر الذي لا يتوقف والطوفان المتصاعد؟
إن الإجابة تكمن في ماهية التفاؤل والأمل دون مواربةٍ؛ فبهما نستطيع أن نتغلب على التعقيدات والمشكلات وبواسطتهما نتمكن من وضعية التفكير التي نستلهم منه الحلول الإجرائية، ومن خلالهما نقي أنفسنا من ضغوط الحياة الناتجة عن العديد من الآثار والأحداث غير السارة، ومن ثم من يمتلك النزعة الإيجابية التفاؤلية وطموح الأمل تعود له حيويته سريعًا ويستطيع أن يستكمل طريقه ويتقدم في مساره ويرتقى بنفسه، وبأسرته، ومجتمعه، ووطنه.
تعالوا بنا نبث بيننا وفي نفوسنا طاقة الأمل ونبتعد عن كل ما يحبط وما يؤدي بنا إلى اليأس والرؤية الضبابية والتوقعات غير السوية التي تبنى على تكهنات واستنتاجات غير حقيقية ولا تمت للواقع بصلةٍ، تعالوا بنا نتلمس أهدفنا التي تشكل في وجداننا معنى للحياة وتعطينا المقدرة على الوصال، تعالوا بنا ننظر لكل ما هو إيجابي وجميل وراقي لنتذوق معني الجمال في حياتنا؛ كي نسعى دون توقف عن البناء والتقدم والازدهار في كل ما نقوم به أو نؤديه من عمل داخل مؤسساتنا أو خارجها أو في بيوتنا ومضاجعنا.
إن الخشية من التشاؤم تكمن في قدرة هذه الصفة السلبية على تكريس الإحباط والقلق وفقد الثقة فيما حولنا والوصول بنا لبراثن الأمراض النفسية وفق مراحلها المتطورة من وسواس واكتئاب ويأس، بما قد يؤدي به لفقد معني الحياة وماهيتها ومن ثم يصعب علينا أن نتكيف أو نتوافق نفسيًا مع محيطنا، بما ينذر بالخطر.
لنتجاهل الذين يبثون عبر منابرهم الإحباط ويستهدف النيل من عزيمتنا بنشر شائعات مغرضة رغبةً في إصابة الوجدان بعطبٍ يجعله عرضه ومرمى للإحباط وفقدان الشهية والهوية والمتعة وكل ما له معنى راق أو جميل في الحياة، بل وقد يتطور بنا الحال لنفكر بصورةٍ سلبيةٍ تجعلنا نفقد الثقة في أنفسنا وكل ما نقوم به ونفقد الثقة في كل من حولنا وكامل المنظومة المحيطة بنا.
وللعلم يتوجب أن ندرك جيدًا أن الشائعات أحد أسلحة الحروب النفسية التي تسهم بقوة في تغيير الاتجاهات الإيجابية لدينا وتحويلها لسلبيةٍ عن طريق نشر مزيد من الشائعات التي تسمم الفكر وتعكر الصفو وتزيف الوعي وتخلق مواقف سلبية يتباها البعض، وبالطبع تؤدي إلى إضعاف ماهية الولاء والانتماء وتساعد كذلك في إضعاف إرادة عزيمة البناء والإعمار والنهضة.
وللعلم من يساعد في نشر الشائعات ولو بمشاركةٍ لخبرٍ أو معلومةٍ منقوصةٍ أو مكذوبةٍ فهو شريك في الحرب النفسية التي يشنها المغرضين على المجتمع الآمن المستقر؛ فندرك أن غاية ذلك التحريض على العنف، وبث خطاب الكراهية وإحباط واستسلام الجبهة الداخلية؛ فجميعنا يرصد الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي التي ينتشر من خلالها الأخبار والمعلومات غير الصحيحة والافتراءات والأكاذيب التي تصل لأكثر من نصف سكان الكرة الأرضية في وقتٍ قياسي من خلال الفضاء الرقمي.
وللعلم نؤكد أن هناك مخاطرًا من انتشار الشائعات عبر التقنيات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي عالية الانتشار؛ حيث إنها تؤثر سلبًا على كافة مجالاتنا الحياتية العلمية والعملية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والصحية والتعليمية والبيئية؛ إذ تحمل الشائعة الأخبار المكذوبة أو المفبركة أو المضاف إليها أو المحذوف منها بغرض إثارة البلبلة والتشكيك وإضعاف الثقة.
وللعلم نجدد القول بأن هنالك العديد من المحاولات المستميتة من أجل الدولة المصرية من خلال الآليات الممنهجة التي تقوم على نشر الفوضى والتأثير على الرأي العام بمزيد من إثارة البلبلة التي تستهدف زعزعة الاستقرار وتفكيك النسيج الوطني، وهذا أمر تهتم به جماعات ودول بعينها؛ حيث أضحت الشائعات في عالمنا الافتراضي ممولة ومدعومة من كتائب مدربة على نشرها واستخدام الطرائق المبتكرة في وصولها للفئات المستهدفة.
إنني اتفق مع من يعي مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الرأي العام، وفي المقابل حرفية استغلال الكتائب الإلكترونية الممولة لتلك المنابر لتحدث الأثر السلبي في نفوس رواد التواصل الاجتماعي، وتساهم في تكوين رأي عام عبر الفضاء المفتوح لتتكون اللجان التي تعمل على تشويه الصورة الذهنية لدى المتلقي، وتزيد من بث الفتن والاحباطات المتتالية لدى من يتابع المنابر الخبيثة المنتشرة على صفحات المواقع الاجتماعي وعلى الفضائيات الممولة.
ويؤسفني أن أقول بأن هناك من يخلق لنفسه دورًا فاعلًا في نشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يتداول المعلومات بصورةٍ غير صحيحةٍ، أو يطلع على أخبار يجتر منها جزءًا منقوصًا يسهم في بث الفرقة أو إحداث زعزعة السِلم والأمن داخل المجتمع، وقد يرجع ذلك لوعيٍ غير صحيحٍ لخطورة الشائعة أو لجسامة ومخاطر المعلومات غير الصحيحة على الاستقرار المجتمعي، كما قد يرجع لغياب الوازع القيمي الذي يحث الفرد للالتزام بصحيح المعتقد؛ فمن المعلوم أن العقائد السماوية جميعها تجرم الكذب والافتراء في القول وتنبذه، وتحث على الصدق وأمانة الكلمة والنقل وموثوقيته.
وللعلم لا مناص عن سياسة مواجهة الشائعات ودحرها والتي تقوم على تضافر الجهود سواءً على مستوى المؤسسة الإعلامية بتنوعاتها المختلفة والمؤسسة التربوية من خلال ما تقدمه من أنشطة مخططة تستهدف تنمية الوعي بأنماطه المختلفة أو المؤسسة الدينية في ضوء ما تحث عليه من قيم نبيلة ينبغي التحلي بها والتمسك بما تحض عليه من ممارسات وسلوكيات مرغوب فيها، أو المؤسسة الاجتماعية وما تقدمه من دعائم خدمية للفرد والمجتمع في ضوء منهجية التنوير التي تبنى على فلسفة الأخلاق المجتمعية الأصيلة أو المؤسسة الأمنية وما عليها من أدوار فاعلة تجاه عمليات الانضباط وتنفيذ سياسة الزجر والعقاب التي تتسق مع صحيح القانون، ويسبق ذلك كله مؤسسة الأسرة التي تعضد النسق القيمي وتراقب السلوك عن كثب وتعمل على تقويمه وتسهم في تنمية الوعي بصورة مستمرة.
وللعلم يجب أن نمتلك استراتيجيات علاجية من شأنها القضاء على الشائعات المغرضة، وتجعل الشعب يمتلك وعيًا سليمًا ليصبح الجدار والسياج المنيع ضد ما تبثه المصادر والمنابر والمواقع المغرضة والممولة والموجهة تجاه قضايا المجتمع وهمومه وأحداثه وكافة خصوصياته، كما يتوجب علينا أن نغرس في النفوس ثقافة التثبت والتحري فيما نسمعه أو نشاهده أو نقرأه أو نتناقله من أخبار وأحداث؛ لأن الشائعة في الأصل تقوم على سياسة التزييف.
وللعلم يجب تعزيز ممارسة التعقل والتفكير والتدبر فيما يساق من شائعات ويتردد من أكاذيب؛ فهناك للأسف من يساعد على ترديدها دون جهدٍ من التفكير فيما إذا كانت صادقة أم مكذوبة، وهذا يساعد في خلق بيئات داعمة لنشر الشائعات بكل أنماطها بين أفراد المجتمع وبكافة مؤسسات الأوطان، وبالطبع يسبب ضررًا بالغًا سواءً على المستوى الشخصي أو الجماعي، وهنا تنتشر سياسة التشوية والنيل من سمعة الفرد والمؤسسة؛ لذا تكمن الخطورة في أن نردد ونتحدث بكل ما نسمع أو نتلقى من معلومات وأخبار من مصادر غير رسمية وغير موثقة.
ونود الإشارة إلى أن العمل على تنمية الوعي يعد من غايات جمهوريتنا الجديدة، وهذا يحدث في حالة التضافر بين كافة مؤسسات الدولة التربوية والإعلامية والمجتمعية، وفي هذا الإطار تحرص المتحدة على تقديم محتوىً هادفاً يشاهده ويهتم بمتابعته جميع الفئات العمرية، ومن ثم يصبح بمثابة أداةٍ فاعلةٍ في تنمية الوعي بأنماطه المختلفة؛ بالإضافة إلى ما يحمله هذا المحتوى من عناصر التشويق المتعددةٌ، وكثيرًا ما يرتبط ارتباطًا فاعلًا ووثيقًا بالواقع المعاش.
ونعي أن تنمية الوعي وتصحيح الفكر المشوب يقوم على فلسفة الإقناع من خلال التأثير على الوجدان مع تناغم في تقديم المعلومات الصحيحة التي تعمل على تصويب ما يتوافر من معلومات غير صحيحة تعلق بالأذهان؛ فالمعرفة وأثر الإقناع يشكلان حجر الزاوية في تصحيح الفكر المنحرف ودحر الشائعات ومن ثم إحداث تنمية صحيحة للوعي لدى المتلقي، وهذا مجتمعًا تقدمه أدوات القوة الناعمة التي تمتلكها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
وتتبع المتحدة للخدمات الإعلامية استراتيجيات الحداثة فيما تقدمه، وتحافظ في ذات الوقت على التراث؛ ليصبح المحتوى في كليته هادف يحقق فلسفة بناء الإنسان، وهذا ما نطالعه في صورة الدراما التي تحض على السلوك الصحيح وتصون الفرد من محاولات الغزو الثقافي المتكررة على مدار الساعة، ومن ثم تحرص على انتقاء ما يقدم للمشاهد أو المستمع أو المطلع بالقراءة، كي تحدث الغاية المنشودة والمتمثلة في تعزيز النسق القيمي والخلقي الحميد لدى المتلقي بكافة الصورة والممارسات الإعلامية.
وعبر برامجها ومن خلال توظيف التقنيات الرقمية المتقدمة تقدم المتحدة للخدمات الإعلامية توعية ثقافية وقائية وعلاجية لمواجهة صور الانحرافات المختلفة التي تضمن بناء مجتمع صحي قوي ومتماسك؛ حيث تتناول العديد من القضايا التي تشكل تهديدًا للمجتمعات وتعد من مسببات تدمير الشعوب، وهنا تظهر الأدوار المشتركة للأسرة ومؤسسات المجتمع التي تعالج بها المشكلات دور الرقابة الرقمية المقننة للوقاية من الانغماس في سبل الانحراف الفكري أو حيال العلاقات غير السوية بكل أنماطها.
إننا نشهد نقلة نوعية في الإعلام من خلال الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ونتوقع أن تنتشر بين فئاته وشركاته وقنواته وكافة منصاته الرقمية ثقافة الريادة والتنافسية التي تبنى على المهنية والمعيارية؛ فمصر كانت ولا زالت لها دور مميز في الصناعات الفنية بكل تنوعاتها، وتمتلك بجانب الكيانات الإعلامية أفرادًا أصحاب مواهب وكفاءات في كافة المجالات الفنية، وساحتها منفتحة على العالم كله كونها تتحلى بالديناميكية والحيوية التي تفرز النتاج المثمر الذي يبقى أثره على الدوام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة