أحمد التايب

خريطة المعادلة السورية فى ظل تقاطع المصالح ومخاطر التصعيد

الأحد، 01 ديسمبر 2024 12:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما يحدث فى حلب وحماة وإدلب والشمال السورى بشكل عام يعنى حقيقة أن خريطة المعادلة السورية ستتغير في ظل تنافس القوى الإقليمية والدولية، وفى ظل تقاطع المصالح، خاصة أن من مأساة سوريا أن هناك قوى فاعلة تتحرك في سوريا كما تشاء، متمثلة فى "إيران – روسيا - تركيا – الولايات المتحدة ومع إسرائيل".

ونحن نتحدث عن تغيير المعادلة في سوريا، ما يحدث ليس محل صُدفة، وإنما يأتي في إطار مخطط أوسع تسعى الولايات المتحدة ومن ورائها إسرائيل إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط والقضاء على محور المقاومة وتوظيف ما يحدث في غزة ولبنان ومع إيران، لتحقيق مصالح استراتيجية على الأرض السورية.

لذلك، أعتقد أن ما يحدث في سوريا له علاقة أولا بالعمل على إضعاف نفوذ إيران، ومحاصرة حزب الله وقطع إمداداته عن لبنان، وله علاقة أيضا بما قاله نتنياهو من منبر الأمم المتحدة أنه سيعمل على القضاء على محور المقاومة ووحدة الساحات في الشرق الأوسط، وله علاقة أيضا بخنق النفوذ الروسى وإضعافه في سوريا، وكذلك الاستفادة بما يحدث في ورقة التفاوض في أوكرانيا، وأيضا له علاقة بقيادة النظام العالمى بشكل عام والتحكم في أهم منطقة به وهى منطقة الشرق الأوسط.
لذا، تم منح الضوء الأخضر للجماعات المسلحة، للتحرك وبالفعل حدثت المفاجأة وتم السيطرة على مساحات واسعة وبلدت عديدة في حلب، وذلك بالاستفادة من الضربات الموجعة التي تلقتها الأذرع الإيرانية داخل سوريا أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وانشغال روسيا بالمستنقع الأوكراني.

وأيضا استغلال لموقف تركيا التى باتت في موضع مراقبة التطورات المتسارعة في سوريا، لكن عينها في نفس الوقت على مناطق أخرى في محافظة حلب، خاصة "تل رفعت" و"منبج" اللتين تسيطر عليهما فصائل كردية التى أنقرة تنظيمات إرهابية وترى فيها تهديداً مباشراً لأمنها القومي.

لكن من المهم أيضا، أن نفهم أن أولويات حكومة أردوغان تحولت من إسقاط النظام في دمشق إلى حماية الأمن القومي لتركيا، وهو ما يفسر حرصه على التطبيع مع الرئيس السورى بشار الأسد وإحداث مقاربة بشأن وجود منطقة آمنة، وكذلك التفاهم حول عودة اللاجئين السوريين.

إذن،  ما يحدث في سوريا ما هو إلا جزء من مشهد أوسع يعكس التغيرات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يفسر أيضا حجم الحشد الذي قامت به هذه الجماعات المسلحة، والتي استطاعت تحقيق كل هذه النتائج المتسارعة، وكذلك وجود اعتبارات مصالح وتفاهمات، لأنه من غير الطبيعي أن تسقط مدينة مثل حلب تعداد سكانها ما يقرب من  5 ملاين شخص بهذه السهولة وخلال 24 ساعة.

فكل أطراف اللعبة لا يريدون تصعيدا خطيرا بقدر التوصل إلى «صيغة سريعة للتهدئة» تعيد إنتاج توافقات مع روسيا في ظل ولاية ترامب، وتقليص دور إيران، ودفع بشار إلى التجاوب سريعاً مع جهود التقارب مع أنقرة.

وأيا كان الأمر، كل ما نأمله أن يترك الشعب السورى، أهمية الوحدة الوطنية، وأن يترك للقيام بما يحلو له في التعاطى مع من يحكمه دون تدخل من أطراف أو دول في شئونه الداخلية، فالحل الحقيقى يجب أن يكون سورى سورى بعيدا عن خريطة التجاذبات والمصالحة الدولية..










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة