تشير العديد من الدراسات الأمنية والإعلامية إلي أهمية دور الإعلام في تعزيز الأمن الفكري في المجتمع ولدى الشباب بصفة خاصة، باعتبار مفهوم الأمن الفكري هو مفهوم استراتيجي يدعو إلى التحصين الفكري الضروري ضد الانحراف الفكرى أو المواقف أو الأفكار الخاطئة إلى تؤدى بالفرد إلى التشتت، والإعلام وبصفة خاصة الإعلام الجديد ومواقع التواصل تلعب دورا كبيرا في ذلك سلبا أو إيجابا.
و يعد الأمن الفكري هو حماية المنظومة الفكرية والعقائدية والثقافية والأخلاقية والأمنية للشباب.
والمجتمع، بما يكفل الاطمئنان إلى سلامة الفكر الإنساني من الإنحراف الذي يشكل تهديداً للأمن القومي بجميع مقوماته.
ويشمل توصيف المهددات والأخطار والمصادر والأسباب التى تؤدي أو يمكن أن تؤدي إلى زعزعة القناعات الفكرية، أو الثوابت، والمقوم الأخلاقي والاجتماعي والديني للأمن، والسياسات من كل فكر شاذ أو منحرف أو متطرف أو معتقد خاطئ ومواجهة ذلك بكل السبل.
والأمن الفكري يكتسي دلالة أعمق في واقع محفوف بالمخاطر والصراعات، وبيئة اجتماعية يميزها التشبع المتزايد بمختلف تكنولوجيات الإعلام والاتصال، والتي تساهم في تشكيل إتجاهات الفرد وبناء تصوراته وتوجيه تفكيره، من خلال وظيفة التفسير والشرح، التي لا تخل من الصبغة الإيديولوجية، كما يمكن أن تتحول بوصلة وظائفها نحو وجه ومنطق من يقف وراءها ويتحكم في مضامينها، فتتحول وظيفة التوجيه إلى خلل وظيفي يتجسد في التضليل، ومن نقل الوقائع إلى تحريفها وتزييف الحقائق، بما يؤثر على سلامة البناء الفكري للأفراد، وينعكس سلبا على استقرار المجتمع.
فوسائل الإعلام أضحت تساهم بما لايدع مجالا للشك في توجيه الميول والمشاعر، وتنمية القدرات والمواهب، وفي إعداد الروح وبناء الجسم، نتيجة توفر هذه الوسائل على آليات الاختراق والجذب والإبهار، والقدرة على تكوين الفرد وتشكيل معالم هويته، وفق خصوصية كل وسيلة وفي إطار البيئة الاجتماعية التي تتواجد وتتفاعل مع باقي عناصرها، فالتغيرات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها العالم بفعل الضغط المتزايد للعولمة، أثرت في بنيه المجتمعات وتركيبتها واستقرارها.
وأهمية الأمن الفكري ومدى الحاجة
إليه يعود لاعتبارات عديدة منها أن تعزيز الأمن الفكري يعد صيانة للثوابت بما في ذلك دين الأمة وعقيدتها وحريتها.
وأي انحراف في الأمن الفكري سوف يؤثر على صور الأمن الأخرى وبالتالي عدم استقرار المجتمع وزعزعته.
والتى تؤدي إلى زعزعة استقرار أمن الدول.
وتنبع أيضاً أهمية الأمن الفكري حيث أن الضرر المتوقع من الإخلال به يعم على كل أفراد المجتمع عكس الضرر المتوقع من الإخلال بالأمن الجنائي، والذي يتعلق بمن وقع عليه الجرم.
وما يحدث من جرائم إرهابية في كثير من دول العالم أكبر دليل على إختلال الأمن الفكري لدى من يقوم بتلك الجرائم من منطلقات فكرية منحرفة يغذيها الغلو والتطرف بأشكاله المختلفة.
فيمثل الأمن الفكري تحصيناً للفرد لما يمكن أن يهدد شخصيته وتكاملها في محيطه البيئي والاجتماعي الذي يعيش فيه، وتتعدد وسائل حماية الأمن الفكري بتعدد الوسائل وتتطلب حماية الأمن الفكري وجود وسائل وقائية، وأخرى علاجية ومنها ضرورة معرفة الأفكار المنحرفة وتحصين الشباب ضدها، والعمل على إتاحة الفرصة الكاملة للحوار الرشيد داخل المجتمع الواحد، والابتعاد عن الجمود والانغلاق والعزلة مع الحفاظ على الثوابت والقيم.
مع التنشئة الأسرية السلمية والاهتمام بالتربية: فعلي مؤسسات التربية والتعليم دور أساسي ومهم في هذا الجانب الاستفادة من وسائل الإعلام، لما لها من الدور العظيم في صنع المعرفة التى تؤهل الفرد لمواجهة عالم شديد التعقيد، وكذلك لإنارة الحقائق وإشاعة القيم النبيلة وتنشيط الحوار.
وهنا يأتي دور الإعلام الجديد في التوعية بالأمن الفكري حيث يمثل الإعلام الجديد أحد العوامل الهامة التي تلعب دور مؤثر في تحسين الأمن الفكري، فالإعلام الجديد يلعب دور هام جداً في غرس المفاهيم والأفكار الصحيحة في عقول الفرد ومن بينها تأصيل الوعي الفكري والأمني وتهميش الأفكار الخاطئة مما يسهم في تحسين سلوكياتهم وتنعكس بالإيجاب على المجتمع.
ونجح الإعلام الجديد في الوصول للشباب بفعل عوامل قوة التأثير، والسرعة، وإمكانية الوصول لأكبر عدد من الجمهور في أي مكان حول العالم، فالإعلام الجديد يتضمن مجموعة من العوامل التي تسهل من مهمته في التوعية بالامن الفكرى حيث يعتمد الإعلام الجديد في معظمه على فكرة الشبكات الاجتماعية التي تعتمد على التضامن وتبادل المعلومات بين المستخدمين، وتأتي آليات تلك المعلومات على صورة رسائل, وتغريدات، وفيديوهات يسجلها أشخاص باستخدام هواتفهم المحمولة لرصد أحداث أو معلومة معينة.
وهناك استخدام متزايد ومتباين من الإعلام الجديد في تنمية الأمن الفكري ويجب أن تتسم استراتيجية الأمن الفكري بوسائل الاعلام الجديد على إمكانية سهولة التوسع في مساحة الأمن الفكري.
عند استخدام وسائل الإعلام الجديد.
وتمثل التربية الإعلامية خط الدفاع الأول ضد التطرف وفي ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدي الجيل الناشئ من الشباب، وتؤدي التربية الإعلامية دورها من خلال إيجاد مهارات التحليل والنقد للرسائل الإعلامية التي تنشرها وسائل الاتصال ومواقع التواصل الإجتماعي،: بالاضافة الي تكوين الوعي النقدي فهي تكون الحكم الذاتي والمستقل لدي الأفراد نحو محتوي الرسائل، حيث أسهم التطور في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في تغيير شكل ونمط وسائل الإعلام مما خلق ما يسمى بالإعلام الجديد، والذي تتعدد أشكاله وقوالبه في تطبيقات واستخدامات اتصالية وتفاعلية جديدة مثل يوتيوب، وفيس بوك، وإكس وغيرها من تطبيقات التواصل الاجتماعي، وقد أحدث الاستخدام المتزايد والمستمر لتلك الوسائل ثورة جديدة إعلامية.
وختاما يمكن القول بأنه إذا تم الاستخدام الرشيد للإعلام الجديد سوف يصبح وسيلة فاعلة في تحقيق الأمن الفكري للمواطن من خلال تقديم المحتوي الإعلامي الهادف والأنشطة الإعلامية الواعية والتى تقدم لتحصين عقول الشباب بالأفكار السليمة المتعلقة بالدين والسياسة والثقافة في مواجهة الأفكار التى تتعارض مع الفكر الصحيح، بهدف إعداد وتكوين الشخصية الفاعلة القادرة على تنمية نفسها وتنمية مجتمعها وتطويره وبناء المستقبل الأفضل تحت ظل قيادتنا السياسية الحكيمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة